soul

العلاقات الإفريقية الفرنسية

Jul 22nd 2011, 3:41 am
Posted by yanogo
708 Views
العلاقات الإفريقية الفرنسية  
د. ياسر أبو حسين
 

تعد القارة الإفريقية القارة الثانية بعد قارة آسيا من حيث المساحة والسكان، وتبلغ مساحتها أكثر من 30 مليون كيلومتر مربع ،وعدد سكانها 800 مليون نسمة ، وتمثل خمس مساحة العالم ، وتضم 54 دولة ،ويقع أكثر من ثلاثة أرباعها فى النصف الشرقى من الكرة الأرضية ،يمر خط الاستواء من وسطها ويقسمها نصفين شبه متساويين، وتقع أكثر أجزائها بين المدارين الجدى والسرطان،وتنحصر بين خط عرض 21,37درجة شمالاً و51,34 درجة جنوباً،كما تمتد بين خط طول 25,51 درجة شرقاً، 17,5درجة غرباً ،وتتميز بتعدد المناخات، حيث يسود فى شمالها وأقصى جنوبها مناخ البحر الأبيض المتوسط ، فى حين يغلب المناخ الآسيوى على وسطها ، وقد أدى ذلك إلى تنوع منتجاتها الزراعية ومواردها الطبيعية ،مما زاد من أهميتها الاقتصادية.

 

ترتبط القارة الإفريقية ارتباطاً طبيعياً من حيث توزيع الماء واليابس بالقارة الآسيوية ،ولا يفصلها عنها سوى البحر الأحمر ، الذى يمثل خليجاً داخلياً، حيث لا يزيد عرضه فى أوسع مكان له عن 350 كيلو متراً ، ويضيق فى بعض المناطق حتى يصل إلى 200 كيلومتر.كما أن قارة إفريقيا تقترب من قارة آسيا قرب باب المندب ، ومن قارة أوروبا عند مضيق جبل طارق الذى يفصلها عن البحر الأبيض المتوسط ، وتطل على محيطين هما المحيط الأطلسى من ناحية الغرب والمحيط الهندى من ناحية الشرق ، وتخلو سواحلها من التعاريج والخلجان وأشباه قرب باب المندب ،ومن قارة أوروبا عند مضيق جبل طارق الذى يفصلها عن البحر الأبيض المتوسط ، وتطل على محيطين هما المحيط الأطلسى من ناحية الغرب والمحيط الهندى من ناحية الشرق ن وتخلو سواحلها من التعاريج والخلجان وأشباه الجزر ، وتشرف على طرق المواصلات التى تربط بين الشرق والغرب ، مما زاد من أهميتها الاستراتيجية وموقعها الجغرافى فى مجال العلاقات الدولية وتتنوع بها الجماعات والأجناس والعناصر البشرية حسب المناطق الطبيعية للقارة.

 

ارتبطت الأراضى الإفريقية بحضارات قديمة أكدت عليها الدراسات الحديثة فى كل من ساحل البحر المتوسط ووادى النيل وساحل بنبن المطل على خليج غينيا وحول نهر السنغال والنيجر والكنغو الزمبيرى واللمبوبو. تعددت محاولات المستعمرين الأوربيين لتزييف تاريخ إفريقيا لتزييف تاريخ إفريقيا وطمس معالمها وربطها بالحضارة الغربية ، كما سعت إلى تفريغ الإنسان الإفريقى من محتواه وتأكيد استلابه وفصله عن مرجعيته وثقافته الإفريقية الأصيلة ، وتهميش اللغات الإفريقية واستبدالها باللغات الأوربية خاصة الفرنسية ، التى لعبت دوراً كبيراً فى تأكيد تبعية العديد من دول القارة لها ،وربطها وربطها بتكتلات تسيطر عليها ثقافياًوسياسياً( الفرانكفونية ) و( الكومنولث).

 

تحتل اللغة العربية مكانة الصدارة بين 800 لغة ولهجة إفريقية ، أبرزها السواحيلية والأمهرية والنيليةوالهوسا والبانتو والماد نقو واليوربا والأيبو.وكذلك اللغات الأجنبية مثل : الإنجليزية والفرنسية والايطالية والبرتقالية ، وبواسطة اللغة العربية لغة القرآن الكريم انتشر الإسلام فى القارة .

إن التشويه الغربى للتاريخ الإفريقى جاء نتيجة تعرض إفريقيا إلى ظاهرة الاستعمار القديم والحديث ، الذى أدى إلى تقسيمها فى مؤتمر برلين الذى دعا إليه بسمارك مستشار ألمانيا الأسيق والذى عقد فى الفترة من شهر أكتوبر 1884 م حتى شهر فبراير 1885م ، وحضرته أربع عشرة دولة أوربية ،حيث أتفق فيه المؤتمرون على الأسس التالية:

 

1. عدم إعلان أى دولة حمايتها على أى منطقة إلا بعد أن تطلع الدول الأخرى على ذلك.

2. لا تقوم أى دولة بضم اى منطقة إلا إذا كان مؤيداً باحتلال فعلى لها.

3. أن تكون الملاحة والتجارة حرة فى نهرى الكونغو والنيجر وما يجاورهما. لقد ركزت فرنسا التى بدأ استعمارها للقارة الإفريقية فى القرن السابع عشر على التجارة ، والمراكز الاستراتيجية حتى النصف الأول من القرن التاسع عشر وأنش؟ات لها مراكز استعمارية على السواحل الغربية ، ثم توسعت من خلالها داخل القارة شرقاً وجنوباً.

كانت فرنسا من بين الدول الاستعمارية الأوروبية فى القارة الإفريقية وتعتبر من أشدها تعصباضد الإسلام ، وتاريخها حافل بذلك منذ الحروب الصليبية ، وكان لها مستعمرات في ساحل العاج وبنين والنيجر وبوركينا فاسو وموريتانيا ، وهى المناطق التى عرفت باسم ( إفريقيا الغربية الفرنسية ) ، وقدرت مساحتها قرابة 5 ملايين كيلومتر مربع ،وتحولت هذه المحطات فيما بعد إلى شركات تجارية دخلت فى تنافس شديد مع الشركات الأوروبية الأخرى .

 

وكانت فرنسا قد أسست عام 1627م المحطة التجارية الأولى على مصب نهر السنغال ، وكذلك أسست مستمرة إفريقيا الاستوائية الفرنسية المكونة من تشاد وإفريقيا الوسطى والكونغو برازفيل والجابون ، وفرضت الحماية على الكاميرون وتوجو . كما سيطرت على جزيرة مدغشقر بداية من سنة 1868م وجيبوتى بمنطقة شرق إفريقيا شملت الجزائر عام 1830م وتونس عام 1881م والمغرب عام 1912م وقامت فرنسا بالتخلى عن منطقة الريف الشمالية إلى إسبانيا وجعلت من إقليم طنجة منطقة دولية تشترك فى حكمها كل من بريطانيا وإسبانيا وفرنسا ومندوب سلطان المغرب.

 

شاركت بريطانيا فرنسا فى تقسيم إفريقيا ، إذ تمكنت بريطانيا عام 1795م من إنزال قواتها العسكرية بإقليم الكاب فى جنوب إفريقيا ،ثم توغلت فى المناطق الوسطى أثناء مطاردتها للبوير، الذين طردوا من الناتال والأورانج الحرة والترانسفال ،قد اتحدث الأورانج والترانسفال عام 1853م مكونتين جمهورية إفريقيا.

السياسة الاستعمارية الفرنسية :

لقد كانت فلسفة السياسة الاستعمارية تنفذ وفق تفكير ومفهوم العسكرين الفرنسيين الذين شاركوا فى غزو استعمار الدول الإفريقية ، وتحولوا إلى حكام لهذه الدول المستعمرة ، وانتزعوا كل السلطات والنفوذ من الزعامات القبلية والمحلية ومارسوا الحكم المباشر على الأفارقة المعتمد على القوة ، وتطلب الاستمرار بسياستهم الاستعمارية والحكم المباشر استخدام أسلوبين للحكم والسيطرة وهما :

 

أ- سياسة الاستيعاب:

وهى فرض اللغة والثقافة الفرنسية ، ومفاهيم الحياة ، ونظم المؤسسات السياسية والاجتماعية الفرنسية ، على الأفارقة حتى يتحولوا إلى مجتمع متفرنس ، وقد اعتمد الاستعمار الفرنسى آلية لعملية الاستيعاب تمثلت فى الآتى:

1. منهج تثقيف وتربية وتعليم طويل الأمد.

2. استخدام وسائل الترهيب والترغيب لتحويل الأفارقة إلى مواطنين فرنسيين.

3. استخدام سلاح الخضوع لقانون الأحوال الشخصية الفرنسى الذى يعطى المواطن الإفريقى حق التمتع بصفة المواطنة الفرنسية .

4. معاملة الرافض للمواطنة الفرنسية على أنه من رعايا الدولة الفرنسية ، ويكون فاقداً للحقوق والامتيازات من قبل القانون ، والذى رفضه المسلمون الأفارقة .

 

ب- سياسة المشاركة أو الارتباط:

اعتمدت على خلق زعامات ونخب إفريقية فرنسية التوجه تقود شعوبها وفق سياسة وتوجهات الإدارة الفرنسية والسيطرة على المجتمع الإفريقى بواسطة هذه النخب الحاملة للغة والثقافة والهوية الفرنسية ، والوسيط بين الحكومة الفرنسية والزعامات والشعوب الإفريقية ، وقد أفرزت هذه السياسة قيادات إفريقية الانتماء فرنسية التفكير ، وتعاونت بلا حدود مع السلطات الاستعمارية الفرنسية وهى الآن تحت مظلة الفرنكفونية .

 

أشكال تجميع المستعمرات الفرنسية لإحكام السيطرة:

لقد اتخذت فرنسا فى تجميع مستعمراتها عدة أشكال كالاتى:

أ- الوحدات الاتحادية (الفدرالية ).

طبق هذا الشكل على المستعمرات الفرنسية لتسهيل عملية الإدارة والحكم فظهرت بذلك إفريقيا الغربية الفرنسية ، وإفريقيا الاستوائية الفرنسية كوحدتين اتحاديتين حيث تضم كل وحدة اتحادية عدداً من المناطق تخضع كل منها لحاكم يخضع بدوره للحاكم العام للاتحاد الذى يمثل الجمهورية الفرنسية ويكون مسئولاً أمام وزير المستعمرات النسية ، أما التشريع للمستعمرات فهو من اختصاص رئيس الجمهورية الفرنسى.

ب- الضم للإدارة الفرنسية المباشرة:

ربطت الجزائر بالإدارة الفرنسية المباشرة بحجة أنها جزء من فرنسا.

ج- نظام الحماية :

بعد أن استطاعت حكومة فرنسا الحرة بالتعاون مع الحلفاء ، هزيمة حكومة فيشى الموالية للأمان فى الحرب العالمية الثانية ، دعت إلى عقد مؤتمر فى برازفيل عاصمة الكونغو الفرنسية فى فبراير 1944م حضرة حكام المستعمرات الفرنسية ورجال الإدارة وبعض أعضاء البرلمان وممثلى اتحاد الشركات التجارية وكانت توصيات المؤتمر تنصب فى :

1- استبعاد منح المستعمرات الفرنسية أى نوع من الاستقلال .

2- التاكيد على مشاركة الأفارقة فى إدارة شئون بلادهم .

3- ضرورة تمثيل المستعمرات فى الجمعية الوطنية الفرنسية ، وفى المجالس المنتخبة.

4- علاج المشكلات الاجتماعية والتعليمية والعمل والضمان الاجتماعى والتطوير الاقتصادية للنهوض باقتصاديات المستعمرات.

 

المستعمرات الإفريقية فى الدساتير الفرنسية:

أ. دستور عام 1946م:

نص على أن الجمهورية الفرنسية وحدة لا تقبل التجزئة وتسرى قوانينها على جميع الممتلكات التابعة لها ، ما لم ينص على غير ذلك ، وعلى تكوين الاتحاد الفرنسى من الأطراف التالية :

1-لاالجمهورية الفرنسية – وهى ما تسمى بالمترو بول ( فرنسا الأوروبية ومديريات الجزائر وما وراء البحار) .

2- أقاليم ما وراء البحار وهى مراكش وتونس ودول الهند الصينية .

3- الدول الشريكة وهى مناطق الوصاية الفرنسية فى الكاميرون وتوغو.

وفى ظل دستور 1946م تم تمثيل المناطق الإفريقية فى الجمعية الوطنية الفرنسية ومجلس الجمهورية والاتحاد الفرنسى ، وتكونت فى كل إقليم جمعية برلمانية ذات سلطات محدودة تشبه مجال المديريات الفرنسية .

ب- دستور عام 1958م:

أصدره الجنرال شارل ديغول رئيس الجمهورية الفرنسية الخامسة ، ونص على أن تكون فرنسا مع الجمهوريات الإفريقية التى تقبل هذا الدستور رابطة الجماعة الفرنسية ، وهى اتحاد فيدرالى بين جماعات مستقلة ، وتتكون حكومة الجماعة الفرنسية من رئيس الجمهورية الفرنسية ، عن كل جمهورية من جمهوريات الجماعة وسكتير عام ومستشار فنى ، وهذه الحكومة مسئولة عن السياسة الخارجية والدفاع والاقتصاد والتعليم العالى ،وفيما عدا ذلك لكل حكومة من حكومات الجماعة سلطتها الكاملة واستقلالها الداخلى ،وتقدم فرنسا لها المعونات الفنية والإدارية ، ولكل جمهورية الحق فى الانفصال من الجماعة فى المستقبل ومن به يبقى عضواً فى الجماعة ، والذى يرفضه يحصل على الاستقلال فوراً .وافقت جميع الدول الإفريقة على الدستور عدا مستعمرة غينيا ، التى حصلت على الاستقلالها واستمر هذا النظام لمدة سنتين ، بعدها اعترفت فرنسا باستقلال الدول من مستعمراتها الفرنسية ، وعقدت معاهدة منفردة مع كل دولة تحدد نوع العلاقة بين الدولتين.

 

انحسار النفوذ الفرنسى فى افريقيا:

إن سياسة فرنسا الإفريقية أصيبت بالوهن وضعف المصداقية فى السنوات الأخيرة ، فقد فشلت الإجراءات السياسية التى وضعتها فرنسا فى قمة لابول الإفريقية ، التى حضرها الرئيس الفرنسى الأسبق فرانسوا ميتران عام 1990م ، إذ إنها لم تؤد إلا " لديمقراطية واجهة دون روح وقلب" وأصبح هدف فرنسا أكثر تواضعاً وهو " إثارة الرغبة الديمقراطية " واحترام الأصالة الإفريقية والاستمرار بفضل المساعدة على التنمية فى احتواء هجرة أصبحت مهمة جداً مصدرها إفريقيا المغرقة فى اليأس ؛ واكتشفت فرنسا بأنها ليست أكثر من "قوة متوسطة"، وأن بنيتها السياسية الفرانكو إفريقية بأعمدة : التعاون والعملة والهجرة والدفاع لا تتوقف عن الانهيار. واختلفت الأحزاب الفرنسية الحاكمة فيما بينها حول السياسات الواجب اتباعها حيال الدول الإفريقية ، ولم تنفع زيارة الرئيس الفرنسى الأسبق جاك شيراك إلى الكونغو فى يوليو 1996م فى إعادة تثبيت المواقع الفرنسية التى اهتزت مؤخراً فى القارة الإفريقية نتيجة المد الأمريكيى.

إن الشلل والعجز اللذان أصابا القوات الفرنسية المتمركزة فى إفريقيا الوسطى والجابون وتشاد ، أدى إلى عدم تأثيرها فى أشد الأزمات الإفريقية .فللمرة الأولى لم تكن الدولة الفرنسية قادرة بمفردها وبالسرعة المطلوبة على القيام بأحد التدخلات العسكرية الإنسانية فى الأزمة الزائيرية فى نوفمبر 1996م وسط منطقة نفوذها . وهى التى بقيت لوقت طويل تستأثر بالسلطة على القارة الإفريقية . لقد استبعدت الحكومة الرواندية فرنسا بسب تأييدها للرئيس جوفينال هابياريمانا ، وقاطعها ثوار الشرق الكونغو الديمقراطية ( زائير سابقاً) لأنها دعمت المارشال موبوسيسى سيكو ، وعارضها الأمريكية الذين عرضت عليهم فرنسا فى نوفمبر 1996م أن يترأسو ويقودوا العملية العسكرية "الإنسانية "لحل أزمة (زائير) . لقد دفعت الدولة الفرنسية ثمن سياستها غير الحزرة ، وغير تستطيع الدفاع عن دورها بنظر المجتمع الدولى ودول "المربع " الفرنسى فى وقت ترك فيه سكان المخيمات دون دعم أو مساعدة لمدة طويلة يستسلمون لمصيرهن .

 

إن فرنسا الدولة الاستعمارية الوحيدة ن التى أبقت على قوات عسكرية فى إفريقيا بعد موجة التحرر والاستقلال ونزع الاستعمار فى الستينيات من القرن الماضى ، وتدخلت عسكرياً فى عام 1996م فى جمهورية إفريقيا الوسطى لمساعدة رئيس الجمهورية على احتواء تمرد بعض من جنودها ، كما تدخلت عدة مرات فى كثير من المواقف السياسية لحماية مصالحها ، وكان آخرها تدخلها لحماية الرئيس التشادى من ثورة المعارضة عام 2008م . إن معظم الوحدات العسكرية الفرنسية الدائمة والبالغ عددها 8700 عسكرى من الشرق إلى الغرب تطبيقاً لاتفقيات دفاعية معقودة مع سبع دول إفريقية موجودة منذ ثلاثين سنة ، وهى فى مجملها من مشاة البحرية أو الكتيبة الأجنبية ، التى تمتلك معرفة وثيقة بالقارة الإفريقية موروثة من عصر الاستعمار . ورغم كل التغيرات العميقة التى حدثت على المسرح الدولى منذ انهيار الاتحاد السوفيتى , وانتهاء الحرب الباردة ، ورغم رياح الديمقراطية التى هبت على العديد من الدول الإفريقية فى التسعسنيات تماشياً مع سياسة العولمة بقيت الوحدات العيكرية الفرنسية كما هى فى مكانها داخل الدول الإفريقية ،حرصاً منها على عدم المساهمة فى اللااستقرار القائم وعلى عدم إزعاج الدول المضيقة ، والدفاع عن مكانتها الدولية ومصالحها الاقتصادية فى إفريقيا الوسطى.

 

إن عجز القادة الأفارقة الفرانكفونيين امتداد لعجز فرنسا فى حل أزمة البحيرات الكبرى ، وتكرارها النداء من نوفمبر 1996م حتى 17 مايو 1997 م لتدخل عسكرى إنسانى ، كان هدفه الحقيقى انقاذ موبوتو ( الرئيس الزائيرى الأسبق)، الذى وصفه وزير الخارجية الفرنسى "ارفيه دو شاريت" فى مارس 1997م بأنه : لا يمكن الاتفاق عليه وهو الوصف الذى تم على إثره انتقاد سياسة فرنسا الإفريقية .

لقد أصيب بالفشل النظام (الفرانكوإفريقى ) المتحور منذ سنوات حول "عمليات التحول والانتقال والانتخابات والدفاع عن الديمقراطيات الجديدة ". وبعد الانتفاضات المتكررة فى إفريقيا الوسطى ، والانتخابات فى مالى والنيجر ، لوحظ تغيراً سالباً دل على فشل ( الديمقراطية المستورة ) بعد فشل ما كان يسمى منذ حصول الشعوب الإفريقية على استقلالها "بالتنمية".وقد صيغت عناوين الصحف الفرنسية والعالمية فى هذه الظروف بمفردات مثل "عزلة"،و"امحاء"، و"تخلى"،و"هزيمة" فرنسا فى إفريقيا ، وهذه المفردات هى ثمرة مفاهيم جيوبلويتكية باتت بالية تمحورت حول الدفاع المباشر عن المصالح النفطية ، وحول صد الإسلام ووقف الاندفاع الأنجلوسكسونى.

 

وصار التناقض صارخاً بين أسس سياسية يتم تقديمها على أنها كريمة وكونية ، وبين العقوبات الموضوعة أمام حرية التنقل والتبادلات ( تأشيرات الدخول وطرد الأفارقة بطائرات الشارتر) أو جهود الجهاز العسكرى الذى لم يتم تبديله منذ حصول الشعوب الإفريقية على استقلالها ، وأن الدبلوماسية بقيت تبديله لوقت طويل ممزقة بين مراكز قرار متعددة ومختلفة أحياناً وغالباُ سرية ودائماً متنافسة.

 

وخلال جولة الرئيس الفرنسى الأسبق جاك شيراك إلى القارة الإفريقية خلال الفترة من 25 إلى 30 يونيو 1998م والتى شملت كل من ناميبيا وجنوب إفريقيا وموزمبيق وانغولا اعترف بأن فرنسا مركزة منذ وقت طويل على العلاقات مع الدول الإفريقية الفرانكفونية ن وأنه سوف يتجه صوب جنوب إفريقيا نحو علاقات شراكة وتعاون ، وهى غحدى أهداف فرنسا فى مرحلة التنافس على إفريقيا بين فرنسا وأمريكيا وبلدان أوربية غربية مثل بريطانيا وألمانيا وكزلك الصين ، حيث تحتل فرنسا المرتبة الخامسة من الشركاء التجاريين والمستثمرين الأجانب فى إفريقيا الجنوبية بعد ألمانيا والولايات المتحدة وبريطانيا واليابان ، وتحاول بذل الجهد لتعويض تأخرها التجارى ، والذى أثمر عام 1997م ، عندما زادت صادرتها إلى إفريقيا الجنوبية بنسبة 30% ن وهى النسبة الأكثر ارتفاعاً من الدول الصناعية ، وفى الوقت نفسه زادت الوكالة الفرنسية للتنمية من حضورها ن وارتفعت عمليات المساعدات المالية فى المنطقة إلى أكثر من 200 مليون فرنك فرنسى فى السنة . وتحاول فرنسا دفع التقارب التجارى وتوثيق العلاقات الاقتصادية ، وقد رافق الرئيس الفرنسى فى جولته عدد مهم من رجال الأعمال منهم زعماء شركات السلاح ، الذين يقومون بالتفاوض حول صفقة تسليح مهمة للجيش الجنوبى الإفريقى بعد أن وقعت الدولتان فى مايو 1998م اتفاق تعاون عسكرى . ونوه الرئيس الفرنسى بالجهود التى دفعت المجموعة الدولية لتخفيف ديونها على موزنبيق الدولة التى وصل فيها النمو الاقتصادى إلى 7%عام 1977م ، وتم انخفاض التضخم إلى 5،7%،فى العام 1998م 2،2 مليار فرنك من ديونها المستحقة لها على موزنبيق وكزلك فى جنوب إفريقيا ونامبيا . تولى فرنسا أهمية للمساعدة العامة للتنمية الإفريقية وتأسيس المجموعات الإفريقية ، وقال الرئيس الفرنسى السابق جاك شيراك :"إن فرنسا تقع حغرافياً فى أوروبا ، ولكنها تنتمى تاريخياً إلى إفريقيا والمحيط الهندى ."

إن الجولة التى قام بها الرئيس الفنسى جاك شيراك إلى إفريقيا هى دلالة على رمزية على لعبة التنافس بين فرنسا وأمريكا ، خاصة بعد عدم إدراج الرئيس الأمريكى "كلنتون " أنغولا فى برنامج جولته الإفريقية الطويلة ، والتى تتمتع بموقع جيوستراتيجى مميز ، وبقوة اقتصادية هامة فى القارة حيث تحوى أهم احتياطيات الماس فى العالم ن وهى ثانى دولة نفطية بعد نيجيريا فى إفريقيا ن ويمكن لها مضاعفة إنتاجها ثلاث مرات فى غضون العقد المقبل ، ويشكل استغلال هذه الثروات مادة نزاع بين الشركات متعددة الجنسية المدعومة من أعلى المستويات السياسية . ويعد النفط سبب تنافس ونزاع فرنسى – أمريكى بين شركتى شيفرون الأمريكية وإلف الفرنسية تحديداً ، والرهان بالنسبة لشركة إلف الفرنسية ضخم جداً، فأنغولا لا يمكن أن تشكل مستقبلاً ربع الإنتاج العام لهذه الشركة ، واستغلال الآبار المكتشفة يشكل استثماراً يزيد عن 15 مليار فرنك فرنسى ، والعقود المرتبطة بذلك تبلغ عشرات مليارت الفرنكات الفرنسية . ولم تغفل فرنسا عن رواندا التى أصبحت شريكاً هاماً لها بأن تساعدها فى تحديث سياستها الإفريقية عبر تنويع شركائها ومحاوريها فى القارة لكنها اصطدمت من الجهة الأنغولية ، بتردد رواندا التى تأخذ على فرنسا دعمها المستمر ل"يونيتا "، لكن كدليل على حسن نيتها قررت فرنسا الابتعاد عن دعم يونيتا ورفع كل غموض ممكن ، وأفاد وزير التعاون الفرنسى شارل جوسلان ،" من أن رواندا هى المحاور الوحيد للفرنسا فى أنغولا ، وزيارة "شيراك " مناسبة لتوكيد هذا التقارب على أعلى المستويات طبقاص لصالح الشركات الفرنسية والطموح الفرنسى فى المنطقة ".

إذا كان الرئيس الأسبق كلينتون يفاخر بأنه اول رئيس أمريكى يقوم بجولة طويلة هادفة لإفريقيا بعد الرئيس الأمريكى الأسبق جيمى كارتر الذى زار نيجيريا وليبيريا عام 1978م ، وبعد مرور سريع لروزفلت فى غامبيا عام 1934من لحضور مؤتمر الدار البيضاء ، فإن الفرنسيين معتادون على الزيارات الدورية المتبادلة مع الزعماء الأفارقة ، والمباحثات المستتمرة السنوية والدائمة معهم. وأول زيارة قام بها الرئيس الفرنسى جاك شيراك للخارج غداة انتخابه كانت إلى إفريقيا التى زارها عام 1995م، ثم بنين فى ديسمبر من العام نفسه ، ثم الغابون والكنغو فى يوليو 1996م.

إن فرنسا لا تستطيع التخلى عن هذه القارة فقد أكد شارل جوسلان ، الذى عاد من بوركينا فاسو ، حيث حضر إلى جانب وزير الخارجية فيدرين ، مؤتمراأ وزارياً للتحضير للقمة الفرنسية الإفريقية التى عقدها فى نهاية نوفمبر 1998م فى باريس ، أكد أن :" من غير المطروح بالنسبة إلى فرنسا التعبير عن أى تراجع لدورها فى إفريقيا ". وقد دأب الفرنسيون ، منذ عهد "جيسكار ديستان "، على القول : إن إفريقيا هى القارة الوحيدة التى ما تزال فرنسا قادرة على تغيير مجرى التاريخ فيها ، أى أنها المنطقة الوحيدة فى العالم التى تتذكر فيها أنها ما تزال قوة عالمية عظمى . وهم يعتمدون على ميزات عديدة تجعلهم يطمئنون على وضعهم فى إفريقيا رغم السياسة الهرمة والتراجعات المستمرة .

 

رغم حرص الرئيسين الأمريكى الأسبق بيل كلينتون ،والفرنسى السابق جاك شيراك على الاتصال ببعضهما فى إفريقيا كل خلال جولته فيها ، فإن هذا لا يخفى حقيقة التنافس المحتدم بينهما على هذه القارة الغنية بالمواد والمبشرة بمستقبل أفضل.

تحاول فرنسا إحدى الدول الاستعمارية القديمة المتجددة الدفاع عن مصالحها الموروثة فى إفريقيا ،ولاسيما أن دولاً عديدة من هذه القارة منخرطة فى عالم الفرنكفونية والثقافة الفرنسية ، وترتبط بفرنسا بروابط اقتصادية وعلمية وسياسية ولغوية .وتعرف فرنسا أنها لا تملك إمكانات التصدى للنفوذ الأمريكى المتزايد ، لذلك فهى تؤيد "تقاسماً " ودياً للنفوذ فى هذه القارة . لكن أمريكا تحاول إحداث تغيير عميق فى المفاهيم الجيواستراتيجية فى القارة الإفريقية بغية السيطرة النهاية على دولها ضمن النظام الأحادى القطب الذى تهيمن عليه وتسعى لتكريسه ، وتركز لهتمام الأمريكيين فى إفريقيا على دائرة محيطها البحيرات الكبرى ، وتشمل فى القرن الإفريقى كل من اريتريا وإثيوبيا ، وفى وسط إفريقيا أوغندا ورواندا وبوروندى وتنزانيا والكنغو وصولاًإلى جنوب إفريقيا وناميبيا ، وقد سجل الفرنسيون تراجعاً بداً من الكنغو الديمقراطية (زائير سابقاً) التى تتجه صوب الشركات الأمريكية لتوقيع اتفاقيات اقتصادية معها.

 

إن تراجع النفوذ الفرنسى فى منطقة البحيرات الكبرى انعكس بتراجع ملحوظ فى كل مناطق القارة الإفريقية ، إذ بلغ وجودها العسكرى فى السنغال 1300 جندى وساحل العاج 530 وتشاد 840 وجمهورية إفريقيا الوسطى 1500وجيبوتى 3200 والغابون 600 والكاميرون 60 جندياً ، أى ما مجموعة 8030 عسكرياًحتى أواخر عام 1996 م. وهو وجود تدعمه ثمان اتفاقيات دفاعية مع ثمان دول إفريقية ، حيث يمكن لفرنسا التدخل عسكرياً كما حصل فى مايو 1996 م عندما تدخلت فى إفريقيا الوسطى ، وأرسلت خمسمائة جندى لتعزيز الحامية الفرنسية المتمركزة شمال البلاد مع وسائل قتال ثقيلة بحجة حماية حوالى ألف فرنسى يعيشون هناك . والفرانكفوية التى يجرى تطور ودعم مؤسساتها عبر العالم وإفريقيا على الرغم من تغير المعطيات السياسية والاقتصادية ، إذ يعتقد الفرنسيون أن تأثيرهم يبقى راسخاُ بسبب صعوبة استبدال طرق التفكير والثقافة لدى ستين مليون إفريقى يتحدثون الفرنسية ،وامتلاكها عشرات المدارس الابتدائية والثانوية فى إفريقيا ، وأكثر من أربعين مؤسسة ثقافية خاصة ، ومئات المراكز الثقافية ، وهناك حوالى 1700مدرس فرنسى فى إفريقيا ،وتخصيصها حوالى مليارى فرنك كمساعدات علمية وثقافية لإفريقيا .

وما تزال فرنسا تعد أول الدول المصدرة إلى إفريقيا مع 21% من ما تستوردة القارة ،وهى تسبق الولايات المتحدة واليابان وألمانيا خاصة بعد خفض قيمة الفرنك الفرنسى – الإفريقى بمعدل 50% فى يناير 1994م.

وبمعزل عن القناعات الأيديولوجية دعمت فرنسا العديد من القادة الأفارقة رغم فسادها ، فإن فرنسا اربت ليبيا المطالبة بحقوقها فى إقليم أوزو على الحدود مع تشاد، كما دعمت الرئيس التشادى إدريس ديبى بعد سقوط نظام سين هبرى عام 1990م ، وبعد محاولة حركة المعارضة إسقاط القصر الرئاسى التشادى عام 2008م . ولم يغب المبدا المعروف فى السياسة " فرق تسد عن السلوك الفرنسى فى إفريقيا والذى ساهم فى تأجيح حروب دامية طويلة بين دول إفريقية عديدة وداخلها.

وإذا كان الفرنسيون يشددون على عامل الثقافة واللغة ، فإن الأمريكيين فى إفريقيا يركزون على إغراءات التجارة ، والربح والمردودية فى ظل العولمة ،وقد تركز الصراع والتنافس فى بدايات العام 1997، فى منطقة البحيرات الكبرى حيث قاد التيار الفرانكوفونى رئيس زائير الأسبق موبوتو ، الذى كان يرأس التجمع الاقتصادى للبحيرات العظمى ، ويضم الكونغو وبورندى ورواندا التى تنتمى إلى عالم الفرنكفونية ( الدول الإفؤيقية الناطقة بالفرنسية ). وقاد التيار الثانى رؤساء كل من أوغندا والكونغو ( زائير سابقاً )، ونائب رئيس رواندا وهم ينتمون إلى قطاع التبادل التفضيلى –فى إفريقيا الجنوبية الشرقية ، وهى منطقة إفريقيا واسعة للناطقين بالإنجليزية الأفضلية فيها.

 

فى جميع الأحوال – فإن المساعدات الفرنسية المقدمة لإفريقيا ، وزيارات زعمائها الدورية لها لن تكفى لصد النفوذ الأمريكى المتذايد سياسياً وعسكرياًواقتصادياً ، وحتى ثقافياً ولكن رغم الانحسار الواضح فى النفوذ الفرنسى لصالح الزحف الأمريكى نحو أعلن إفريقيا أعلن الفرنسيون أنهم ليسوا وارداً تراجعهم عن مواقعهم الإفريقية الوحيدة التى تبقت لهم فى العلم ويظل الهدف النهائى للتنافس الفرنسى الأمريكى على إفريقيا وأسواقها وخاماتها ، هو توسيع وتعميق ، وزيادة النفوذ والوجود الاقتصادى التجارى ، والعسكرى للدولتين بالدول الإفريقية ، وذلك باستخدام ام كل الوسائل المتاحة من معونات اقتصادية وعسكرية وفنية ومنح مالية وتعليمية، والتمهيد لذلك من خلال وسائل الاتصال والبرامج . وقد تجسد الاهتمام الأمريكى والفرنسى بالأسواق الإفريقية فى زيارتى كل من الرئيس الأمريكى والرئيس الفرنسى ، والزيارات المتكررة لوزيرة الخارجية الأمريكية إلى القارة الإفريقية .

إن هذ التنافس الأمريكى – الفرنسى هو معطى فى الخارطة الجغرافية السياسية الجديدة بعد عقود من التكامل خلال الحرب الباردة عندما تركت أمريكا لفرنسا دور الشرطى فى إفريقيا . هذا المعطى الجديد يدفع فرنسا إلى تصور أشكال شراكة جديدة مع إفريقيا لوقف المفارقة التى تكلم عنها وزير التعاون الفرنسى شارل جوسلان بقوله :" فرنسا تقدم الأساس من المساعدة والولايات النتحدة تجنى الحسنات الاقتصادية لهذه المساعدة ، ويقول " أن فرنسا تقدم مساعدات متنوعة لإفريقيا تعادل عشرة أضعاف ما تقدمه الولايات المتحدة ، وذلك نسبة إلى الناتج الوطنى فى هاتين الدولتين ، وقد جسد الرئيس الفرنسى ساركوزى عندما قرر السير على مسار سلفه الرئيس الأسبق جاك شيراك فى المنافسة والتصدى للمد الأمريكى الإفريقى حيث قام بعد انتخابه بأول زيارة له إلى الجزائر وتونس فى 9-10-2007م، وذلك من أجل إحياء فكرة إقامة التحاد المتوسطى ، بهدف محاولة بناء الفضاء الاقتصادى المتوسطى لصنع امتداد لجنوب فرنسا خاصة بعد توسع الاتحاد الأوروبى إلى الشمال أن فرنسا تتمتع بارتباط ومصالح مشتركة بين دول المغرب العربى ، وخلال هذه الزيارة أبرمت اتفاقية مع الجزائر تنص على تحديث الجيش الجزائرى وتزويده بالعتاد والسلاح وإحياء معاهدة الصداقة بين البلدين ، وذلك فى إطار منافسة الولايات المتحدة الأمريكية فى الشمال الإفريقيى التى أبرمت اتفاقيات تعامل مع دول الشمال الإفريقى . وقد كانت سلبيات هذه الزيارة رفض الرئيس الفرنسى ساركوزى الاعتراف والاعتذار عن جرائم الاستعمار الفرنسى فى الجزائر . كما أن الرئيس الأوروبى ، والتنسيق بين فرنسا وليبيا فى مجالات اقتصادية وصناعية وعلمية عدة، إضافة إلى الاستفادة من أهمية الدور الليبى فى إفريقيا وتفعيله مع فرنسا.

 

قمة فرنسا – إفريقيا ..(2010م)

منذ عام 1970م اعتادت فرنسا أن تعقد قمة إفريقية سنوية يحضرها رؤساء وزعماء إفريقيا ، وقرر أن تعقد كل سنتين ثم عدل أن تعقد كل ثلاث سنوات ، وقد انطلقت يوم الإثنين 31مايو 2010م فى مدينة نيس بجنوب شرق فرنسا القمة الفرنسية الإفريقية الخامسة والعشرون ، والتى تعتبر الأولى من نوعها منذ وصول الرئيس ساركوزى للسلطة قبل ثلاثة أعوام . وقد شارك فى القمة حوالى (38) زعيماً إفريقياً ولأكثر من (200) رجل أعمال إفريقيى . وممثلون لمنظمات دولية وإقليمية ونقافية ومنظمات المجتمع المدنى بالإضافة إلى الشخصيات البارزة على رأسها بان كى مون الأمين العام للأمم المتحدة وجان بينغ رئيس الاتحاد الإفريقيى ، وروبرت زوليك رئيس البنك الدولى ، وجاك ضيوف المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة . وكان من أبرز الغائبين من الزعماء الأفارقة رئيس ساحل العاج (لوران غبابو ) ، ورئيس الكونغو الديمقراطية ( جوزيف كابيلا )، ورئيس زيمبابوى (روبرت موغابى )، ورئيس مدغشقر (روجولينا )،وكذلك الرئيس السودانى (البشير) ، والزعيم الليبى العقيد معمر القذافى والرئيس التونسى زين العابدين بن على والعاهل المغربى محمد السادس . وقد مثل السودان فى القمة على عثمان محمد طه نائب رئيس الجمهورية ، ومثل الكنغو الديمقراطية وزير خارجيتها الكسيس تامبو موامبا وساحل العاج ( لوران دونا فولوغو) رئيس المجلس الاقتصادى والاجتماعى ، ومثل ليبيا وزير خارجيتها موسى كاسا ، ومثل تونس رئيس الوزراء محمد غنوشى فيما مثل المملكة المغربية الأمير مولاى الرشيد شقيق العاهل المغربى . وفى كلمته الافتتاحية أعرب الرئيس الفرنسى نيكولا ساركوزى عن أمله فى أن تشهد القمة تجديداً للعلاقات الفرنسية الإفريقية . وقد بحثت القمة ثلاث قضايا رئيسية فى ثلاث جلسات عمل مغلقة . تناولت الجلسة الأولى مسألة دور ومكانة إفريقيا فى الإدارة العالمية . وتناولت الجلسة الثانية برئاسة الرئيس إفريقى جاكوب مع الرئيس ساركوزى سبل تعزيز الأمن والسلم فى إفريقيا ، والدعم الذى يمكن لفرنسا تقديمه للنظام الإفريقى للأمن الجماعى ، المتثمل فى محاربة الإرهاب وتجارة المخدرات والقرصنة والإتجار بالشر وتهريب المهاجرين غير الشرعيين ، بالإضافة إلى وسائل تسوية الأزمات المؤسساتية فى القارة الإفريقية . فيما تناولت الجلسة الثالثة موضوع المناخ والتنمية . وعلى الصعيد الاقتصادى شهدت القمة ورشات عمل على مستوى الوزراء المعنيين ، تناولت الأولى كيفية مساعدة الدول الإفريقية على تعزيز قوانينها من أجل تشجيع القطاع الخاص باعتباره من أهم عوامل إفريقيا للحصول على التمويل اللازم لها لتمكين التوسع فى الإنتاج والنمو وتحسين القدرات . فيما تطرقت ورشة العمل الثالثة لسبل بناء وتعزيز تنافسية الشركات الإفريقية ودور التدريب المهنى فى هذا الشأن . وناقشت ورشة العمل الرابعة المسئولية الاجتماعية والبيئية للشركات والمؤسسات فى إطار يضمن لجميع الأطراف أن تخرج رابحة . فيما تناولت ورش العمل الخامسة مصادر الطاقة من أجل إفريقيا الغد. أما ورشة العمل السادسة فقد تناولت التعاون مع المهاجرين الأفارقة المقيمين فى فرنسا ليسهموا فى إنشاء شركات وزيادة الاستثمارات فى بلدانهم الأصلية فى إفريقيا ، بما يسهم فى تحقيق التنمية فى القارة والحد من الفقر. إن الرئيس ساركوزى منذ وصوله السلطو انتهج سياسة عدم الاكتراث المتعّد خصوصاً تجاه إفريقيا حيث أكد موقفاً غير مشجع تجاه القارة الإفريقية اتضح ذلك خلال جولته فى داكادر ( السنغال) حيث أشار فى خطابه إلى أن إفريقيا لم تدخل بعد فى التاريخ مما لقى انتقاداً واسعاً لدى العديد من المثقفين والمفكرين والمسئولين الأفارقة ، ولكن سرعان ما تفهم ثقل الملف الإفريقى وتراجع عن رأيه وأصبح يبحث عن صيغة جديدة تمكنه من الاستمرار للمحافظة على آخر ما تبقى من نفوذ فرنسا فى القارة الإفريقية ، مع ملاحظة أن الزمن الذى إفريقيا ووسطها قد تغير بعد ظهور بعض المتغيرات الإقليمية والدولية .

إن الأجندة التى انجلت خلال القمة الفرنسة الإفريقية الأخيرة هى قد يكون من صميم طموحات وتطلعات الشعوب الإفريقية المتمثلة فى :( تحقيق الحكم الرشيد ن وبحث إمكانية إصلاح مجلس المن ليكون أكثر توازناً بالنسبة لإفريقيا . وتعزيز السلام والأمن فى ربوع القارة ، وبحث القضايا المرتبطة بالجرائم العابرة للحدود الوطنية ، والإتجار بالمخدرات ، وغسيل الأموال والإرهاب والقراصنة ، بالإضافة إلى محاربة التغيرُات المناخية والاهتمام بالأمن الغذائى)، إن هذه الأمنيات إذا تم تم تنفيذها على أرض الواقع الإفريقى يمكن أن تسهم إلى حد كبير فى التحول الجذرى لكثير من المشكلات القارة الشائكة ، والتحدى الأكبر والمهم يكمن فى كيف تتم ترجمة هذه الأمانى على أرض الواقع؟

 

السودان فى قمة فرنسا-إفريقيا..(2010م)

حرصت فرنسا منذ وقت طويل أن يكون السودان ضمن الدول الإفريقية التى لها الدعوة لحضور القمم الفرنسية الإفريقية رغم أن السودان ليس من الدول الفرانكفونية ، وكان الرئيس عمر البشير مشاركاً فى عدد من القمم السابقة ولكن فى هذه القمة شارك نائبه الأساتذ على عثمان محمد طه ممثلاً للسودان ، ولدى مخاطبته الاجتماع اعتبر نائب الرئيس الأساتذ على عثمان محمد طه دعوة فرنسا للسودان للمشاركة فى القمة بمثابة خطوة فى سبيل دعم التواصل بين البلدين ، حيث هناك لجنة للتشاور السياسى بين البلدين على مستوى السفراء ،وقال :" إن السودلن قد عرض على الجانب الفرنسى تجديد هذه اللجنة التشاورية وأن تكون هناك مشاورات فى المستقبل لتجاوز النقاط التى تشكل عقبة فى طريق ازدهار العلاقات بين الخرطوم وباريس.

وكانت لجنة الحوار قد توقفت بين البلدين على خلفية رفض السودان لمبادرة فرنسية لإنها أزمة المحكمة الجنائية الدولية ، والتى تدعو إلى " تغيير جذرى "فى الحكومة السودانية قبل الانتخابات يشمل كل ما يتعلق بحقوق الإنسان ووجود بعض الأشخاص والعناصر فى الحكومة السودانية .

وعلى هامش المؤتمر كانت هناك عدة لقاءات قد جرت بين نائب الرئيس السودانى وبعض القادة الأفارقة من جهة والرئيس الفرنسى من جهة أخرى للنظر فى القضايا المختلفة التى تهم السودان وإفريقيا ، وكانت هناك بعض الاقتراحات التى عرضت ،فقد اقترحت إرتريا تأجيل الاستفتاء المزمع إجراؤه بداية العام 210م وقد أيدتها فى ذلك جمهورية جنوب إفريقيا بينما رأى مندوب مصر بأن تكون هناك فترة انتقالية بعد الاستفتاء لفترة عشر سنوات . وكان قد التقى نائب رئيس الجمهورية على عثمان محمد طه بالرئيس الفرنسى إبان انعقاد أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك العام 2009م، وأوضح له وقتها بأن الجانب الفرنسى اقترح تجميد النشاط السياسى لبعض المسئولين فى الحكومة مقابل التلااجع عن موقف فرنسا الداعم لتوقيف الرئيس عمر البشير ، أن هذا الموقف تطابق مع الرد الفرنسى على مساعد رئيس الجمهورية الدكتور نافع على نافع الذى باريس أيضاً فى وقت سابق ، حيث ناقش موضوعات مماثلة مع المسئولين الفرنسيين ،لكن الوفد الحكومى رفض الدخول فى أى تفاهمات مع الفرنسيين بشأن ملف الجنائية ، ودعا فرنسا إلى ممارسة ضغوط على زعيم حركة تحرير السودان عبد الواحد الموجود بأراضيها ،ونقل د نافع للمسئولين الفرنسيين خلال محادثات أجراها بمقر وزارة الخارجية الفرنسية رفض الحكومة للخوض فى أى حوار بشأن المحكمة الجنائية ،باعتبار ان الملف مقفول ولا سبيل لفتحه من جديد أو حتى النقاش فيه . وقد اكدً وقتها سفير السودان لدى باريس سليمان مصطفى أن الوفد قد قطع بعدم الدخول فى تفاوض الأمر باعتبار أن الحكومة قد تجاوزته تماماً ، وعلى الجهات التى تتبناه أن تفعل ما تشاء ، وعليها تداركه كما ترى ، واعتبر "سليمان" أن ملف الجنائية هو نقطة الخلاف بين البلدين ،غير انه قال إن الوفد لمس رغبة فرنسا فى إقامة علاقات طيبة مع السودان خاصة ّ وأن لها الكثير من المصالح فى المنطقة . وتعد فرنسا من الدول القلائل التى صرحت أنها سوف تتعاون مع الجنائية فى إدعاءاتها بحق الرئيس البشير ، الأمر الذى جعل الخارجية السودانية تستدعى سفير فرنسا فى الخرطوم "فى وقته" والذى حاول بدوره إصلاح منطق التصريح وحصره على حدود فرنسا فى حال زيارة الرئيس البشير إليها .

وكانت قد عقدت فى العاصمة الدوحة قمة جمعت الرئيس عمر البشير بالرئيس الفرنسى نيكولا ساركوزى برعاية ومشاركة أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثانى ، وحسب ما تناقلته وسائل الإعلام فإن القمة تناولت فى الأساس إطار الأزمة دارفور وكيفية حلها.

وتقترح باريس خارطة لحل الأزمة تشمل مساندة القوات المختلطة ، مادياً ومن الناحية اللوجستية ، فى العملية السياسية التى يقودها الاتحاد الإفريقى والأمم المتحدة ، واحترام وقف للحوار السياسى على نحو تتغير معه حياة سكان دارفور بصورة جذرية ، إضافة إاى أن الخارطة ترى أنه لا يمكن أ

Tags:
ra(7)

Bookmark & Share:

Please Like Us
Please Like Us